ماذا يُقصد بالسياسة النقدية؟ وكيف تؤثر في اقتصاد الدول؟ وما أهم أدوات تنفيذها؟ كثيرةٌ هي التساؤلات المطروحة حول ضوابط تشكل اقتصادات البلدان, وهي متغيرات إجرائية مرتبطة بعدة عوامل تؤثر على قرارات البنوك المركزية بناءً على المعروض النقدي, وذلك في إطار تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
وحول أهمية ذلك، يترقب المستثمرون والمحللون قرارات السياسة النقدية التي تصدر في مواعيد محددة في الدولة. وكذلك محاضر الاجتماعات وتصريحات المسؤوليين من واضعي السياسة النقدية في الدولة والتي جميعها تؤخذ على محمل الجد، حيث أن هذه البيانات تحمل تأثيراً ملموساً على قطاعات سوقية عديدة، ومثال ذلك, المتابعة الحثيثة لأي تعديل على معدل الفائدة الأمريكي من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر العرض والطلب على الأسواق العالمية؟
مفهوم السياسة النقدية؟
مجموعة من الأدوات التي يحددها البنك المركزي لبلد ما لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال التحكم في المعروض النقدي الإجمالي المتاح للبنوك والعملاء والشركات في الدولة. من خلال عمليات السوق المفتوحة التي تؤثر بشكل مباشر على المعروض من خلال شراء الأوراق المالية عند تخفيف السياسة النقدية وبيع الأوراق المالية عندما يتم تشديدها.
الهدف هو الحفاظ على اقتصاد منضبط من خلال التحكم في أسعار الفائدة. على وجه التحديد، تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة للحد من الإنفاق، أو تخفيضها لتشجيع الاقتراض. بالإضافة إلى ذلك، يحدد البنك المركزي سعر الفائدة على القروض للبنوك المملوكة للدولة. وبالتالي، عندما تتغير الأسعار، تقوم المؤسسات المالية بتعديل معدلات الفائدة لجميع العملاء. في النهاية، يتحكم هذا النظام في كمية الأموال المتاحة من خلال إدارة فعّالة للمعروض النقدي.
ما سبق يُبنى على اعتبارات أساسية للبنوك المركزية تدخل تحت مظلة تحديد السياسة النقدية. وذلك بهدف التأثير على الاقتصاد الكلي للدولة من خلال معدلات التضخم والاستهلاك والنمو والركود والانكماش الاقتصادي والسيولة، ورفع أو خفض سعر الفائدة، والتحكم بأسعار الصرف الأجنبي، وتحديد الحاجة إلى شراء أو بيع السندات الحكومية، ومقدار الاحتياطي المصرفي اللازم للبنك.
تمتلك السلطة النقدية في الدولة امتيازات عديدة لتحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي، واستقرار معدلات الصرف الأجنبي، والحد من معدلات التضخم، بالإضافة إلى الحفاظ على بيانات بطالة منخفضة، بمعنى آخر تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتضخم.
محددات السياسة النقدية
يتم تحديد السياسة النقدية بناءً على عدة محددات، ومنها:
- بيانات الاقتصاد الكلي مثل الناتج المحلي الإجمالي والتضخم ومعدلات النمو للقطاعات والصناعة.
- الأحداث الجيوسياسية وما تحمله من ارتدادات على اقتصاد الدول ككل، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا وما حملته من أزمة على الطاقة ومشتقاتها بسبب العقوبات المفروضة وقرارات الحظر, محدداً رئيسياً للسياسات النقدية للدول.
- نتائج وبيانات صادرة عن تكتلات خاصة، أو مخاوف تصدرها مجموعات أعمال محددة.
مواعيد تعديل السياسة النقدية في الدولة؟
يجتمع مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي ثماني مرات في العام – مدة يومين من النقاشات-. يتبع ذلك الإعلان عن أي تغيرات في السياسة النقدية في الدولة، وفي أوقات الطوارئ قد يكون هناك اضطرار لإصدار تعديلات لمنع الركود الاقتصادي والتفشي الحاد في التضخم، ومثال ذلك خلال العام 2020-2021 في خضم جائحة كورونا.
أنواع السياسات النقدية
السياسة النقدية التوسعية
في حال سجلت الدولة نسب مرتفعة من التضخم أو البطالة بفعل الركود الاقتصادي. يمكن للبنوك المركزية التوجه نحو السياسة النقدية التوسعية بهدف تعزيز النمو الاقتصادي.
أيضاً, تتخذ السلطة النقدية قراراً بخفض معدل الفائدة لزيادة الانفاق المالي لدى الأفراد والشركات والحصول على قروض ميسرة، وتعزيز الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي, وصولاً إلى الرفاهية لرفع القوة الشرائية.
السياسة النقدية الانكماشية
تعتمد على رفع معدلات الفائدة لتقليل نمو المفروض النقدي وخفض التضخم، الأمر الذي يحمل في طياته تباطؤ النمو الاقتصادي لكن ذلك يعد أحياناً ضرورياً لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد والسيطرة على الأسعار.
اقرأ أيضاً: العوامل الاقتصادية التي تؤثر على الفوركس؟
أدوات تنفيذ السياسة النقدية
- شراء وبيع السندات قصيرة الأجل في السوق المفتوحة باستخدام احتياطيات البنوك المشكلة حديثًا، هذا يسمى عمليات السوق المفتوحة، بحيث تستهدف أسعار الفائدة قصيرة الأجل مثل معدل الأموال الفيدرالية. تضيف البنوك المركزية الأموال إلى النظام المصرفي عن طريق شراء الأصول أو إزالتها عن طريق بيع الأصول. وتستجيب البنوك بجعل الإقراض بمعدلات أقل وأسهل أو الإقراض بمعدلات أعلى تكلفة.
- تغيير سعر الفائدة أو الضمانات التي يطلبها البنك المركزي لتقديم قروض للبنوك التجارية -الملاذ الأخير-، هذا الخيار يسمى في الولايات المتحدة “سعر الخصم”.
- تغيير متطلبات الاحتياطي، وهي أموال تحتفظ بها البنوك كنسبة مئوية من ودائع العملاء لضمان القدرة على السداد. وعند خفضها سيتوفير المزيد من الأموال للبنوك لتقديم قروض أو شراء أصول أخرى. وعلى العكس عند الزيادة ستتباطئ الأعمال المصرفية.
- السياسة النقدية الغير تقليدية والتي تتبعها تركيا حالياً، ومثل الأزمة المالية لعام 2008 “أزمة الرهن العقاري” حيث حمّل الاحتياطي الفيدرالي ميزانيته تريليونات الدولارات من سندات الخزانة. حيث طرح برامج إقراض جديدة وشراء أصول شملت الإقراض والخصم والتيسير الكمي.
- تمتلك البنوك المركزية أدوات قوية لتشكيل توقعات السوق من خلال الإعلان عن سياسات محتملة. وتعمل البيانات الصادرة عنه على تحريك الأسواق، بالتالي يمكن للمستثمرين الذين يتوقعون ما سيقرره البنك المركزي, تحقيق الأرباح.