قبل معرفة ما هو صندوق الثروة السيادي علينا ان نتفق انه بكل تأكيد الدول التي تملك المال تملك النفوذ ايضاً.
وبالتالي لها القدرة الكبيرة في التأثير على دول العالم الأخرى، وتمارس هذا النفوذ من خلال ما يعرف بصندوق الثروة السيادي.
الفرق بين صندوق الثروة السيادي وصندوق الاستثمار
ولمعرفة ما هو مفهوم صندوق الثروة السيادي بمعناه العام، علينا أولاً معرفة ما هو صندوق الاستثمار العادي.
صندوق الاستثمار هو عبارة عن مؤسسة تقوم على إدارة أموال المستثمرين سواء كانوا افراد او شركات اوهيئات، بهدف تحقيق أكبر عائد ممكن واقل قدر ممكن من المخاطرة.
بالعودة لصندوق الاستثمار السيادي فهو مشابه لطبيعة عمل صندوق الاستثمار العادي، ويعمل بنفس الطريقة لكن الاختلاف أنه لا يقوم على إدارة أموال الافراد او الشركات، انما متخصص فقط في إدارة أموال دول وحكومات.
هل تمتلك كل دولة صندوق ثروة سيادي ؟
قد يتساءل البعض هل كل دولة ضروري ان تمتلك صندوق ثروة سيادي، الإجابة قطعاً لا ، والسبب لان الصندوق السيادي ينشأ حينما يكون للدولة فائض من الأموال.
فائض أموالها يأتي من خلال معاملات البيع والشراء التي تتعامل بها الدولة مع العالم الخارجي.
ولو افترضنا ان إجمالي ما تبيعه من سلع اكثر من إجمالي ما تستورده، بهذه الحالة تكون لديها فائض في معاملاتها مع العالم الخارجي، ولا تقتصر معاملاتها فقط على السلع انما يشمل الخدمات والاستثمار او رؤوس الأموال.
ومثال على ذلك كيفية تصدير السياحة باعتبارها خدمة، فحينما تستقبل الدولة أعداد كبيرة من السياح مثل إسبانيا او دبي فهي تستفيد من أموال السياح المدفوعة مقابل خدمات السياحة المقدمة لهم في دولتها.
وإذا كان إجمالي الأموال التي تدخل اليها أكبر من إجمالي الأموال التي ينفقها مواطنيها في العالم الخارجي، تعتبر دولة دائنة او ذات فائض نتيجة الفائض في سلعها وخدماتها واستثماراتها أكثر مما تدفعه لباقي العالم.
هذا الفائض يأخذ طريقه الى ما يعرف بالاحتياط النقدي تحت إشراف البنك النقدي، ففي حال كان محدود كما هو في مصر او تونس، تقوم بتخزينه كاحتياط.
وتخزنه لاستخدامه في استيراد الضرورات لعدة شهور في حال وجود حالة طوارئ، او يمكن استثماره كما ذكرنا في مقال سابق في أدوات الدين الحكومية.
مثلاً تقوم بشراء ديون أمريكا كخطوة لشراء احتياجاتها من القمح او العلاج في حالة الضرورات او الطوارئ.
اما اذا كانت دولة لديها فائض ضخم مثل الكويت والامارات والسعودية، تستثمر هذا الفائض داخل صناديق ثروة سيادي، وتحقق هذه الصناديق منفعة أساسية، من خلال تنويع استثمارات البلد في أسواق مختلفة.
اما في حال عدم استثماره بشكل جيد وتم ضخه مثلاً بصورة رواتب للمواطنين، ينتج عنه سيولة كبيرة وبالتالي تضخم وارتفاع بالأسعار فتتحول من فائدة الى مضار.
اول صندوق ثروة سيادي
ظهر اول صندوق سيادي عالمياً عام 1953م، وكانت الكويت هي صاحبة اول صندوق، ثم تبعها عدد كبير من الصناديق المختلفة.
يتم الاحتفاظ بحوالي 100 صندوق استثمار في العالم داخل معهد الصناديق السيادية ومقره أمريكا، والمتخصص في دراسة كافة حركات الصناديق السيادية في العالم.
حيث أن اخر تقدير توصل اليه المعهد في أكتوبر 2018م، أن إجمالي ما تمتلكه الصناديق من أصول على مستوى العالم بلغ حوالي 8 تريليون دولار.
واكبر صندوق سيادي في العالم يتم تصنيفه حسب نوع وقيمة الاستثمار، كالاستثمار في اسهم شركات او سندات دول او استثمار مباشر، كشراء عقارات ,شركات ,مصانع.
ويعتبر الصندوق النرويجي اكبر صندوق استثماري في العالم، لكونه اول من تخطى اصوله حاجز التريليون دولار في التاريخ، في سبتمبر من عام 2017م.
وإذا أعدنا النظر بقيمة أصول جميع الصناديق السيادية عالمياً، سنلاحظ ان نصف قيمتها تعود لدول تمتلك نفط وغاز بالدرجة الأولى.
اما النصف الاخر يعود الى دول لديها فائض نتيجة قوتها الاقتصادية الضخمة مثل الصين وسنغافورة.
ختاماً
نأمل ان نكون قد وضحنا بشكل مفصل مفهوم صندوق الثروة السيادي وتاريخ ظهوره، وكذلك طبيعة عمله تحديداً في الدول التي لديها فائض في الأموال.
وفي مقالات قادمة سوف نتحدث بشكل اكثر تفصيل عن تحركات صناديق الثروة السيادية.