لا يخفى على أي متابع للشأن الاقتصادي العالمي أهمية قرار سعر الفائدة على الدولار الامريكي التي أظهرت الحاجة إلى تطوير استراتيجية تداول قرار سعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي باعتباره الحدث الاقتصادي الأكثر متابعة من جمهور الاقتصاديين حول العالم بشكل عام والتجار في سوق الفوركس بشكل خاص، فتأثيره لا يقتصر فقط على السوق الأمريكي بل يمتد ليؤثر على جميع الأدوات المالية حول العالم وبشكل ملحوظ وفوري، خاصة وأنه أهم السلع عالمياً, بالإضافة إلى ذلك أن العديد من العملات محل المتابعة مرتبطة بشكل أو بآخر بهذا القرار.
ما هو سعر الفائدة الفيدرالي؟
يعرف سعر الفائدة بأنه نسبة الفائدة التي يتم التعبير عنها على شكل معدل مالي الذي تفرضه البنوك بينها, نتيجة اقتراض أموال الفيدرالي لكل يوم، فهي تقترض من بعضها البعض للإيفاء بالتزاماتها تجاه الفيدرالي الأمريكي، وهي أحد اشكال أدوات البنك المركزي لإدارة الأموال النقدية المعروضة في الأسواق لتحقيق حالة الاستقرار الاقتصادي بشكل آمن، وأيضاً الفائدة على أي مدخرات أو حركات ائتمانية أو قروض.
كيف يتم تحديد سعر الفائدة؟
البنك الفيدرالي الأمريكي هو كيان هجين, عبارة عن جهة مستقلة تتطلب موافقة الإدارة الأمريكية وهو مسؤول بشكل أساسي عن إدارة المشهد النقدي في البلاد لتحقيق حالة من الإستقرار لعناصر الاقتصاد الكلي من خلال اتخاذ قرارات مالية ونقدية لمواجهة بعض التقلبات في حالة الاقتصاد مثل ارتفاع معدل التضخم وكذلك استقرار أسعار السلع، ويتم من خلال اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح المنبثقة عن البنك الفيدرالي الأمريكي والمكونة من 12 عضواً (7 أعضاء من مجلس المحافظين، 5 أعضاء من رؤساء فروع البنك الاحتياطي الفيدرالي)، وتقوم اللجنة بإدارة أسعار الفائدة عبر تسعير الأموال الفيدرالي في ثمانية اجتماعات سنوية بشكل غير مجدول وفقاً لأي تطورات اقتصادية أو نقدية أو مالية.
وكون أن أهداف الاحتياطي الفيدرالي تتركز بصورة أو بأخرى حول الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي من خلال الحفاظ على استقرار معدلات التضخم لتكون قريبة من مستوى 2% وهو المستوى الصحي للاقتصاد الآخذ في التطور، فإن أحد أهم العوامل لتحديد سعر الفائدة حول حالة التضخم في البلاد، فإذا ارتفع التضخم قد يضطر الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة لمواجهته وبالتالي ينعكس على حجم الأموال التي تقوم البنوك بإقراضها نتيجة توجه البنوك للحفاظ على السيولة لديها لتحصيل فائدة أعلى وبالتالي نقص السيولة نسبياً في الأسواق فيقل الطلب على السلع نتيجة نقص هذه السيولة لدى المستهلك الأمر الذي يساعد بمواجهة التضخم عند الوصول لحالة توازن بين الطلب والعرض، كما أنه سيتعين على المقترضين السداد بفائدة أعلى مما يجبر المستهلكين على تقليل حجم نفقاتهم وبالتالي انخفاض الطلب.
أما في حالة انخفاض معدلات التضخم فإنه من الممكن اعتبار ذلك مؤشراً على انخفاض حجم الانفاق لدى المستهلكين نتيجة لارتفاع العرض مع ثبات او انخفاض الطلب، علاوة على ما سبق يخفض المركزي أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض وزيادة السيولة في الأسواق تخوفاً من حالة الانكماش.
يوضح الرسم البياني العلاقة بين أسعار الفائدة والتضخم, إذ يعبر سعر الفائدة عن انعكاس طردي لمستويات التضخم، ويمكن مقارنتها ببعض الأزمات التي مر بها الاقتصاد العالمي بشكل عام, والاقتصاد الأمريكي بشكل خاص.
كيف يؤثر قرار سعر الفائدة على الأسواق؟
أسعار الفائدة لها القدرة على جذب أو عزوف الاستثمار عن أي بلد، حيث أنها تتحكم بشكل قوي بتدفق الاستثمارات من أو إلى الدولة، وبشكل نظري, عند انخفاض أسعار الفائدة فإن العملة تفقد جزء من قيمتها أمام العملات الأخرى والعكس، أما فيما يتعلق بتأثيراته في الولايات المتحدة الأمريكية فالأمر يبدو معقداً قليلاً وذلك بسبب خصوصية الاقتصاد الامريكي، حيث أنه الاقتصاد الأقوى والأكثر انتشاراً ويمتلك علاقات اقتصادية مباشرة أو غير مباشرة مع عدد كبير من المتغيرات والدول والكيانات الاقتصادية، على سبيل المثال, عند تخفيض أسعار الفائدة من قبل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح بغرض تحفيز الاقتصاد؛ يفضل المستثمرون الاحتفاظ بأصولهم المالية بعملة الدولار الأمريكي، كونها العملة الاحتياطية الاقوى في العالم والأكثر أماناً.
استراتيجية تداول قرار سعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي
بما أن القرار يعتبر من أهم محركات السوق كونه يشكل فرصة قوية للاستفادة من تقلبات السوق بمجرد الإعلان عن القرار ولبضع ساعات لاحقة، فيعتمد النجاح هنا على الاعداد الجيد والتجهز ومراقبة الأحداث السابقة المشابهة وقياس تأثيرها وتوقع تأثير مشابه إلى حد كبير، فبالرغم من أنه ووفقاً لمبدأ التحليل الاساسي, لا يضمن أداء السوق في الماضي نفس الأداء مستقبلاً عند التعرض لنفس الظروف على خلاف التحليل الفني؛ إلا أنها تشكل فرصة جيدة للاستفادة منها لتوفير رؤية تساعد على تشكيل طريقة عمل، فمثلاً في أكتوبر 2019 قام الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة من 2% إلى 1.75% موضحاً أسباب قراره، لنلاحظ تأثير الخبر على مجموعة من الأدوات المالية الأكثر انتشاراً.
تظهر الرسوم البيانية مستوى التقلب العالي جداً فور صدور الخبر واستمرار تأثيره لعدة ساعات، حيث أن خفض سعر الفائدة بهذه الطريقة كان له تأثيرات لحظية تمثلت بارتفاع قوة الدولار الامريكي؛ ومن ثم بدأت قيمته بالاستقرار شيئاً فشيئاً، ولكن كيف يمكننا استثمار هذه البيانات في تداولاتنا المستقبلية؟
الخيارات المتاحة للتداول باستخدام استراتيجية قرار سعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي
يمكن لأي متداول الاستفادة من هذه الكثافة في الحركة السعرية من خلال احدى الاختيارات:
– تحديد نطاق تداول قبل الإعلان عن القرار وتداول الاختراق.
– تحديد نطاق تداول قبل الإعلان وتداول الاختراق الوهمي.
– الإنتظار حتى الحصول على اشارة تداول ودخول صفقة بناءً عليها، (هناك عدد كبير من الاستراتيجيات يمكن الاطلاع عليها من قسم استراتيجيات التداول عبر أكاديمية MENA).
فيما يتعلق بالاختيار الأول والثاني فهذا الـامر واضح تماماً من خلال اطلاع غير معمق على الرسم البياني، أما فيما يتعلق بالاختيار الثالث فالحركة السعرية أثناء الإعلان عن الخبر من الممكن أن تشكل أحد انماط التداول الشهيرةـ أو تشكل اشارة تداول وفقاً لأحد الاستراتيجيات التي تستخدم مزيج من المؤشرات الفنية، أما أشهر الأنماط السعرية التي تتشكل عادة في هذه الظروف هو نمط شمعة الابتلاع بنوعيها الهابطة والصاعدة، فمن الملاحظ وفقاً للرسوم البيانية السابقة أن الأدوات المالية التي يشكل الدولار الأمريكي فيها عملة التسعير قد كونت نمط شمعة الابتلاع الصاعدة، وذلك ما يمكن اعتباره اشارة تداول -تأكيدات لقرار المتاجرة بشكل قوي-.
ختاماً: تقرير سعر الفائدة الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي الامريكي يشكل فرصة استثمارية جيدة مهما كانت اهتماماتك من المتاجرة في الاسواق المالية وعلى أي اداة مالية لذلك يجب التحضير الجيد قبل صدور الخبر وكذلك الحرص على الحصول على بيانات الخبر فور صدوره لأن عامل الوقت يشكل جزء كبير من فرصة النجاح وأيضاً الاستعداد بشكل جيد وفقاً للتوقعات التي يقوم الخبراء بمناقشتها قبل صدور الخبر بشكل فعلي.
