المستثمرون الأفراد الصينيون يدعمون أسواق الأسهم منذ ارتفاع حدة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وخاصة بعد الثاني من أبريل الجاري، اليوم الذي أطلق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “يوم التحرير”، قام العديد من المواطنين الصينيين بشراء أسهم في الأسواق الصينية من أجل دعم اقتصاد بلادهم، وانضموا إلى ما يُطلق عليه “الفريق الوطني” المدعوم من الدولة للدفاع عن سوق الأسهم – وهي إحدى ساحات الصراع المتوسع بين الصين والولايات المتحدة، وفقًا لما يقوله المتداولون والوسطاء. وقد ازداد الاهتمام بعمليات الشراء في قطاعات يُتوقع أن تستفيد من الأجندة الوطنية للصين، مثل قطاع الدفاع، والسلع الاستهلاكية، وأشباه الموصلات.
تعرف على: ردود الصين والاتحاد الأوروبي بعد بدء تطبيق رسوم ترامب الجمركية
وكان هذا الحماس الوطني من الأمور غير المعتادة بين المستثمرين الصغار، لكنه يمثل تحولًا مرحبًا به من قبل السلطات التي تحاول الصمود أمام حالة الذعر التي سببتها الحرب التجارية، ومحاولة الحفاظ على استقرار الأسواق المالية.
حصلت أسواق الأسهم الصينية على تدفقات صافية من المستثمرين الأفراد بقيمة 45 مليار يوان منذ الانخفاض الحاد في 4 أبريل، وذلك حسب بيانات من مزود المعلومات المالية “داتاييس”. وتُقارن هذه البيانات مع ست جلسات متتالية من التدفقات الخارجة التي بلغت 91.8 مليار يوان قبل “يوم التحرير” الذي أعلنه ترامب.
في عام 2015، عندما حدث انهيار للأسواق، وقع صراع بين المستثمرين الخاصين والمستثمرين الحكوميين، حيث شنت بكين حملة كبيرة على شركات التكنولوجيا، مما أضعف جهود إنقاذ السوق. أما الآن، فقد توافقت مصالح الطرفين، بعد أن قرر ترامب فرض رسوم جمركية ضخمة على الواردات، وهو ما وصفته الصين بـ”البلطجة”، حتى وإن كان بعض المستثمرين الأفراد مجرد انتهازيين يستفيدون من تدخل بكين السريع والحاسم.
وفي السابع من أبريل، عندما هبطت الأسهم الصينية بنسبة 7%، تعهد المستثمرون المؤسسيون المدعومون من الدولة بشراء المزيد من الأسهم بشكل علني، كما تعهدت أهم شركات الوساطة الصينية بالحفاظ على استقرار الأسعار، بالإضافة إلى بعض الشركات المدرجة التي أعلنت عن خطط لإعادة شراء الأسهم.
شاهد: رسوم ترامب الجمركية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي وردود الفعل الدولية
خلال الأسبوع الماضي، شجع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ المسؤولين الحكوميين على مضاعفة جهودهم من أجل استقرار سوق الأسهم.
انتعش سوق الأسهم الصيني (.SSEC) بنسبة 8% من أدنى مستوياته في سبعة أشهر والتي سجلها في أوائل أبريل، وهو الآن منخفض بنسبة 1.3% فقط، مقارنة مع الانخفاض بنسبة تزيد عن 8% في الأسهم الأمريكية (.SPX).
وقال مينغ لي، استراتيجي الأسهم الصينية في “يو بي إس سيكيوريتيز”: “نعتقد أن سوق الأسهم الصينية من فئة A يحمل أهمية استراتيجية أكبر”. وأضاف أن الرهانات الوطنية قد “حسّنت بشكل كبير معنويات المستثمرين”.
التحلي بالوطنية يعني التمسك بالأسهم
المستثمرون الأفراد الصينيون يدعمون أسواق الأسهم في الصين بضخ مبالغ كبيرة في الأسهم حتى لو تكبدوا خسائر. وقال زو، وهو متسلق جبال: “التحلي بالوطنية يعني التمسك بأسهمك”. وأضاف أن معظم الأسهم التي يمتلكها في قطاعي الاستهلاك والدفاع بقيمة 3 ملايين يوان، ولديه 7 ملايين يوان نقدًا في “صندوق الحرب”.
وقال مشغل المطاعم شو هاو إنه استثمر أيضًا عدة مئات من الملايين من اليوان في الأسهم الصينية، وأنه تأثر بالجهود التي بذلها العمالقة المحليون لمساعدة المصدرين المتضررين من الحرب التجارية.
وفي نفس الوقت، أعلنت شركات مثل JD.com (9618.HK)، وFreshippo المملوكة لعلي بابا، وشركات تشغيل السوبر ماركت مثل CR Vanguard وYonghui Superstores (601933.SS) عن اتخاذ مجموعة من التدابير لدعم المصدرين في التوجه إلى السوق المحلية.
وأضاف شو: “الناس يعبرون عن وطنيتهم بطرق مختلفة”. وأوضح أنه اشترى أسهم التكنولوجيا والاستهلاك.
الأسواق والأسهم الوطنية تعكس الفخر الوطني
تعكس الأسهم والقطاعات التي يشتريها الأفراد الفخر الوطني. فهي في الغالب قطاعات تتضمن أبطالًا محليين تضررت مكانتهم في الأسواق العالمية بسبب الرسوم الجمركية، أو قطاعات وضعت بكين أهدافًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي فيها.
وفي هذا السياق، ارتفعت أسهم الاستهلاك (.CSI000990) وصناعة الرقائق (.CSI931865) منذ “يوم التحرير” لترامب رغم ضعف الأسواق الأوسع، بينما تعافت أسهم السياحة (.CSI930633) والزراعة (.CSI930910) بسرعة.
قد يهمك:الصين تفرر عدم تغيير أسعار الفائدة؛ والحرب التجارية تعزز التوقعات باتخاذ إجراءات تحفيزية
الصناديق المتداولة في البورصة تستقطب ضخ الأموال
تُعتبر الصناديق المتداولة في البورصة أحد أهم الأدوات الاستثمارية ذات الشعبية العالية في الصين، وهي من المصادر المتزايدة للتدفقات المالية. ومنذ الهبوط الحاد في السابع من أبريل، حصلت هذه الصناديق على أكثر من 230 مليار يوان من التدفقات، ليتجاوز إجمالي حجم هذا القطاع 4 تريليونات يوان للمرة الأولى، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية. ولا تظهر البيانات مدى تأثير هذه التدفقات من المستثمرين الأفراد مقارنة بـ”الفريق الوطني”.
حرب … بدون دخان
ساهمت الروح الوطنية أيضًا في تشكيل محفظة بعض المستثمرين المحترفين. قال مدير صندوق التحوط يانغ تينغوو إنه ضخ كل الأموال المتبقية في محفظته في الأسهم.
وقال يانغ، مدير المحفظة في “تونغهنغ للاستثمار”: “هذه حرب، فقط بدون دخان البنادق”، مشيرًا إلى النزاع التجاري المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة، والذي نتج عنه فرض رسوم متبادلة تجاوزت 100%.
وأضاف: “أنت تراهن ليس فقط على محفظتك، بل أيضًا على مصير بلدك”. وقد راهن يانغ على أسهم الزراعة والطاقة والتمويل والدفاع.
وقال ليام زو، مؤسس شركة “ماينوريتي لإدارة الأصول” في شنغهاي، إنه استثمر محفظته التي تقدر بمليار دولار بالكامل في الأسهم الصينية.
الوطنية تقلب موازين بعض المستثمرين الصينيين
أدت الحرب التجارية إلى زيادة الروح الوطنية لدى بعض المستثمرين الصينيين. قالت نانسي لو، معلمة في محافظة جيانغسو الشرقية: “محفظتي تنزف، لكنني لا أبالي. سأظل ثابتة مع الحكومة في محاربة التنمر الأمريكي”.
وأضافت أنها تعهدت بعدم الذهاب إلى ستاربكس أو ارتداء نايكي مرة أخرى، في إطار مقاطعة العلامات التجارية الأمريكية. “لن أبيع أي سهم. سأساعد في الدفاع عن السوق لبلدنا. لم أشعر أبدًا بالفخر كمستثمر فردي كما أشعر الآن”.
تمتع بتجربة تعلمية مميزة من خلال الأكاديمية الأقوى للفوركس و الأسواق العالمية MENA
