تعد حالتي انهيار العملات والتضخم الاقتصادي في البلاد وجهان لعملة واحدة بسبب ارتباطهما بعضهم البعض، خاصةً وأنه عند انهيار العملة يحدث التضخم، والعكس صحيح، إذ تعاني بعض العملات حالة من الضعف وأخرى الضعف الشديد وثالثة منهارة تماماً وجميعها تعود لأسباب التضخم على اختلاف اشكاله.
خلال هذا المقال نتعرف عن أسباب انهيار العملات وما علاقتها بالتضخم، أو بمعنى آخر ما هو التضخم الذي يَطال اقتصادات البلاد؟
مفهوم التضخم الاقتصادي
هو انهيار يُصيب العملة نتيجة الارتفاع في المستوى العام للأسعار في بلد ما، فتنخفض قيمة عملتها وقدرتها الشرائية، وهو عبارة عن ” TOO MUCH MONEY CHASING TOO FEW GOODS”، بمعنى أموال كثيرة جداً تطارد سلع وخدمات قليلة جداً.
أبعاد التضخم الاقتصادي
نظراً لارتباط قيمة العملة بالتضخم فيحدث نتيجة لعاملين، الأول ضعف الاقتصاد فيتراجع جهاز الانتاج عن تقديم المزيد بكمية تكفي احتياجات المواطنين، ووفقا لقانون العرض والطلب ستكون كمية الأموال أكبر من كمية السلع والخدمات، ويصاحبها ارتفاع في الأسعار العامة للسلع والخدمات المحلية أما الثاني فعندما تقوم البلاد بالاقتراض يحدث ادخال كميات كبيرة من الأموال الى الأسواق، ولا يقابلها زيادة في الإنتاج وبالتالي حدوث تضخم.
في غضون ذلك من الممكن أن يسبب قيام بلد ما بطباعة النقود بدون ضوابط حدوث تضخم كبير، وبالإضافة إلى ذلك يحدد سعر صرف العملة وفق معايير معينة كقدرتها الشرائية محلياً، ومقابل القدرة الشرائية لعملة أجنبية أخرى، نظرا لارتباط قيمة العملة المحلية بارتفاع قيمة العملات الأخرى المنافسة.
علاوة على ذلك تتضاعف هذه الظاهرة في الحروب والاضطرابات السياسية، وتنقل العملة من حالة ضعف الى انهيار أكبر، وترتبط حادثة التضخم بضعف الحساب الجاري للدولة، وهو اجمالي الصادرات والواردات في بلد ما من السلع والخدمات.
وفى حالة الاعتماد الكلي على التصدير ترتفع قيمة العملة، اما الاعتماد الكلي على الواردات تنخفض فيه قيمة العملة.
أسباب انهيار العملات؟
تنهار العملة حينما يفقد الأفراد ثقتهم بها تماماً، إذ تعجز على أداء وظائفها الثلاثة المتمثلة في كونها وسيلة للتبادل من خلال البيع والشراء، ومخزن للقيمة، بمعنى عدم تأثر قيمتها بالارتفاع او الانخفاض طيلة فترة تخزينها، وكونها مقياس لأغراض التبادل، وتصل الى مرحلة يسارع بها الافراد للتخلص منها سواء بتحويلها الى عملة أخرى، او تبديلها بسلع ومنتجات بعملية الشراء.
حالات التضخم الاقتصادي
شهدت العديد من اقتصادات البلاد سواء المتقدمة أو النامية حوادث تضخم وبأشكال متفاوتة، كالتضخم المقبول والمؤقت والقوى الشديد.
أولاً: التضخم المقبول، لا يصاحبه فوضى وتأثيره يكون ضمن المتوسط ولا تتجاوز نسبته 2%، وفى هذه المرحلة تكون الدولة بحالة استقرار واسعارها مقبولة.
ثانياً: التضخم المؤقت، يحدث بشكل مؤقت وسريع نتيجةً لقرار خفض سعر صرف قيمة العملة، فيحدث تضخم لكن سرعان ما تعود البلاد لوضعها الطبيعي.
ثالثاً: التضخم القوى، يصاحبه فوضى عارمة في البلاد وانهيار العملة وأزمة في السيولة وتضاعف المشاكل الاقتصادية الواحدة تلو الأخرى، ونسبته كبيرة جداً وقد تغرق البلاد في الديون في محاولة لإصلاح نفسها، وتتعافى منه البلاد على المدى البعيد وأثاره تبقى عالقة في التاريخ.
أما عن تأثير التضخم فهو مضاعف في الدول النامية وتتراوح نسبته من 12-10%، على عكس الدول المتقدمة وقد لا تتأثر كثيراً بهذه النسبة، ووفقاً لدراسة أمريكية عام 2012م سُجلت نحو 56 حادثة تضخم على مستوى اقتصادات العالم، ووصفت بالشديدة وقتها.
في الإطار وفى العام 1914م تعرضت ألمانيا لحالة تضخم عقب خسارتها في الحرب العالمية الأولى، واسُتنزفت معظم ثروات الدول المشاركة في الحرب، سواء المنتصرة كبريطانيا وحلفائها أو ألمانيا وحلفائها، ووصلت قيمة المارك سابقا “اليورو حالياً” الى أكثر من 4000 مليار مارك ويعادل 4.02 دولار.
كذلك في عام 2003م تسبب العزو الأمريكي للعراق ايضاً في انهيار عملتها وتضخم اقتصادها الداخلي.
ختاماً، حالات انهيار العملات والتضخم الاقتصادي غير محصورة على اقتصاد بلد معين، فكل اقتصادات العالم مستهدفة سواء في بلدان متقدمة أو نامية، لكن بنسب متفاوتة، ولتجنب التضخم أي كان شكله ودرجته، يكن بالمحافظة على قيمة العملة وقدرتها الشرائية.
تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من MENA لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف