انتاب سوق النفط في الفترة الاخيرة العديد من التقلبات وتأثرت أيضا بالعديد من العوامل مثل التغيرات الجيوسياسية والتطورات التكنولوجية التحول في أنماط الاستهلاك، كما أن الأزمات الصحية والبيئية وسياسات الطاقة المتجددة لعبت دور هام في تشكيل مشاهد الأسواق، ومن خلال السطور التالية سنلقي نظرة على التطورات والابتكارات التي حدثت في سوق النفط خلال العشر سنوات الفائته، كما سنقدم تحليل وافي لاسباب التقلبات وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي.
تطورات سوق النفط بين 2014 و 2024:
انهيار الأسعار في 2014-2016
بدء العقد بانخفاض حاد في أسعار النفط حيث انخفض سعر برميل النفط من مستويات تجاوزت 100 دولار في منتصف عام 2014 إلى أقل من 30 دولار في أوائل عام 2016 وكان السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، مما أدى إلى حدوث فائض في المعروض العالمي، كما ساهمت منظمة أوبك تحت قيادة السعودية في تفاقم الأزمة من خلال عدم خفض الإنتاج في البداية للحفاظ على حصتها في السوق.
ربما قد يعجبك: ارتفاع الأسهم في بورصة تايوان محققة مكاسب في قطاعي النفط والبناء
التعافي والانتعاش (2017-2019)
مع بداية عام 2017 بدأت الأسعار في التعافي وهذا بعد قيام منظمة اوبك وحلفائها بدءا من روسيا من أجل خفض قيمة الانتاج والعمل على دعم الأسعار كما أن تلك الفترة قد شهدت تحسن كبير في الطلب العالمي على النفط مع تعافي الاقتصاد العالمي، مما ساهم في ارتفاع الأسعار إلى نطاق يتراوح ما بين من 60 إلى 80 دولار في سعر البرميل.
أزمة كورونا وانهيار الأسعار في 2020
شهد سوق النفط في عام 2020 صدمة تاريخية غير مسبوقة مع تفشي جائحة كوفيد-19، حيث أدى الإغلاق العام وتراجع حركة النقل والصناعة إلى انهيار الطلب العالمي على الوقود.
وفي أبريل 2020 سجلت أسعار العقود الآجلة للنفط الأمريكي (خام غرب تكساس الوسيط – WTI) مستويات سلبية لأول مرة في التاريخ، حيث هبطت إلى -37 دولارًا للبرميل.
والسبب هو امتلاء منشآت التخزين بشكل كامل، مما أجبر المنتجين على دفع أموال للمشترين للتخلص من فائض النفط الذي لم يجدوا له طلبًا في الأسواق.
التعافي والارتفاع القياسي (2021-2022)
مع انطلاق عملية التعافي الاقتصادي العالمي واستئناف النشاط الصناعي في عام 2021، شهدت أسعار النفط زيادة تدريجية مدعومة بسياسات خفض الإنتاج التي اتبعتها أوبك+ والقيود المفروضة على الاستثمارات الجديدة في النفط الصخري، بجانب أن الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 ساهم في ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 120 دولارًا للبرميل نتيجة المخاوف من نقص الإمدادات والعقوبات المفروضة على روسيا التي تعتبر واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم.
اقرأ المزيد: كيف يمكن للنماذج الفنية أن توفر رؤى واضحة لحركة أسعار النفط؟
استقرار نسبي وتقلبات محدودة (2023-2024)
مع آخر عام 2022 وبدء عام 2023 بدأت أسعار النفط في الهبوط بصورة نسبية تتراوح قيمتها ما بين 70 إلى 90 دولارا في البرميل، وفي وسط زيادة انتاج النفط الامريكي ووضوح بعض السياسات الجديدة التي تهدف إلى اختلاف مصادر الطاقة وخفض عملية الاعتماد على الوقود الأحفوري، وأيضا التقلبات الاقتصادية في الصين كان لها دور أيضا لأنها تعتبر من أكبر الدول المستهلكة للنفط لأنها ساهمت في تحديد مسار الأسعار وآثرت المخاوف على تباطؤ النمو الاقتصادي على توقعات الطلب العالمية.
العوامل المؤثرة على سوق النفط
- العوامل الجيوسياسية
كانت التوترات الجيوسياسية لها دور أساسي في التقلبات السعرية للنفط بداية من عقوبات أمريكا على إيران والحرب الروسية ضد اوكرانيا، بجانب انهيار العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة والتي ساهمت في صراعات الشرق الاوسط مما ادى إلى حدوث اضطرابات في الإمدادات.
- سياسات منظمة أوبك+
قرارات أوبك الخاصة بالإنتاج جاءت من أكثر العوامل التي ساهمت في تقلبات الأسعار، حيث أن عندما قررت منظمة اوبك هبوط الانتاج تم رفع الأسعار وعند زيادة الإنتاج شهد السوق هبوط في الأسعار.
نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي
أدى التقدم السريع في تكنولوجيا الحفر الهيدروليكي إلى تحويل الولايات المتحدة إلى واحدة من أكبر منتجي النفط على مستوى العالم وقد كان لزيادة إنتاج النفط الصخري تأثير كبير على توازن السوق العالمي، مما أسفر عن هبوط في الأسعار في عدة فترات.
التحولات نحو الطاقة المتجددة
مع تزايد الاهتمام بتقليل الانبعاثات الكربونية شهد الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح نمو ملحوظ، كما قامت الدول الكبرى، مثل الاتحاد الأوروبي والصين بتبني سياسات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري مما أثر بشكل كبير على الطلب المستقبلي على النفط.
التأثيرات الاقتصادية العالمية
من الركود الاقتصادي الذي شهدناه في عام 2020 إلى التضخم الذي حدث في 2022-2023 كان للظروف الاقتصادية تأثير كبير على طلب النفط؛ ففي فترات النمو السريع للاقتصاد العالمي زاد الطلب على النفط، بينما شهد تراجع خلال فترات الأزمات الاقتصادية.
اقرأ أيضا: النفط يهبط لأدنى معدلاته خلال 8 أسابيع بسبب الرسوم الجمركية
مستقبل سوق النفط
في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية، من المحتمل أن تظل أسعار النفط في نطاق مرتفع نسبيًا، ولكنها لن تصل إلى المستويات القياسية التي شاهدناها في عام 2022، كما فإن توجه الدول نحو استخدام مصادر طاقة بديلة قد يفرض ضغوطًا على الأسعار على المدى الطويل.
تحول الأسواق نحو الطاقة النظيفة
في ظل السياسات الرامية إلى تقليل انبعاثات الكربون ستواصل الحكومات والشركات السعي نحو إيجاد بدائل للنفط مثل السيارات الكهربائية والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وهذا قد يسفر عن تراجع تدريجي في الطلب على النفط خلال العقد المقبل.
الدور المستقبلي لمنظمة أوبك+
ستظل منظمة أوبك في لعب الدور الأساسي في أسواق النفط ولكن مع زيادة الإنتاج الدول الغير أعضاء في المنظمة مثل الولايات المتحدة حيث أن المنظمة تجد صعوبة كبيرة في التحكم بالأسعار كما كان في السابق.
تمتع بتجربة تعلمية مميزة من خلال الأكاديمية الأقوى للفوركس و الأسواق العالمية MENA
