بين صعود وهبوط تتأرجح قيمة العملة الرقمية البيتكوين، وسط اهتمام متزايد من المستثمرين والمؤسسات المالية والمصرفية بهذه العملة، التي سجلت ارتفاعا قياسيا في الفترة الأخيرة.
وبينما حذر البعض من الانسياق وراء كبار المستثمرين في البتكوين وغيرها من العملات المشفرة الأخرى، يرى البعض أنها رغم تقلباتها ستواصل رحلة الصعود، بل قد تصبح العملة المفضلة للتجارة العالمية؟
والسؤال هنا هل سيزداد اقبال المستثمرين على البيتكوين كوسيلة للتعاملات المالية في المدى القريب؟ أم أن صعودها المفاجئ لا يعدوا كونه مجرد فقاعة مالية جديدة؟
أرقام قياسية سجلتها لأول مرة عملة البتكوين منذ مطلع العام الجاري، حتى انها تجاوزت الخمسين ألف دولار في منتصف فبراير الماضي، لكن الخبراء يتوقعون مزيداً من الصعود والهبوط لهذه العملة في الأشهر المقبلة.
وحول مستقبل البتكوين، وما إذا كانت ستتحول تدريجياً الى عملة تحظى بثقة المزيد من المستثمرين والخيارات المتاحة أمام الحكومات والبنوك المركزية للتعامل معها.
بدايات البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى
بدأت فكرة هذه العملة والتي طُرحت للمرة الأولى في الأسواق بقيمة لا تتعدى 6 سنتات أمريكية فقط، والآن باتت تُوصف بأنها بديل رقمي مستقبلي للنقود أو العملات المعدنية.
تعد أول عملة رقمية أبصرت النور عام 2009م، للتعامل عبر الانترنت بين الافراد مباشرةً، ويمكن شراؤها او بيعها في البورصات بالدولار الأمريكي أو اليورو.
تم تحديد عدد العملات الإجمالي التي يمكن إنتاجها بنحو 21 مليون وحدة نقدية فقط، ويمكن الحصول على كل وحدة عن طريق عملية رقمية يطلق عليها اسم “التعدين”، حيث تتم عن طريق حواسب متطورة، ومثل أي عملة في العالم تنقسم البتكوين الى وحدات أصغر، الأمر الذي يتيح شراء جزء من العملة.
من ناحية أخرى، ينتقد المستثمرون البيتكوين بسبب إمكانية استخدامها في معاملات غير قانونية، حيث أن عملية التحويل عبرها تتطلب فقط معرفة رقم محفظة الشخص المحول اليه.
في سياق الموضوع، لا تعتبر البيتكوين العملة الرقمية الوحيدة، حيث توجد أكثر من 60 عملة مشفرة مختلفة، منها 6 عملات رئيسية.
وبعد نحو اثنتي عشرة سنة فقط من تداولها يبدو أن البتكوين بدأت تفرض نفسها كأبرز العملات الرقمية المشفرة، خاصة انه تميز العقد الأول لها بتقلبات كبيرة وموجة من الانتقادات.
لكن كبار المضاربين والمستثمرين يرون ان البتكوين وُجدت لتبقى، وان العقد الثاني من عمرها سيكون حاسماً في تحديد مستقبلها، الأمر الذي يعزز توقعاتهم دخول شركات عالمية كبرى متل “باي بال ” على خط الاستثمارات في العملات الرقمية، يضاف الى ذلك تقرير حديث لأحد بنوك الاستثمار الامريكية الكبرى.
علاوة على ذلك شكل الصعود الجامح للبيتكوين نقطة تحول، بالإضافة إلى ذلك اقتربت العملة من أن تصبح العملة المفضلة للتجارة الدولية.
بيد أن القضايا المتعلقة بالأمان والسرية قد تُضعف من هذا الاحتمال، فالعملات المشفرة ليست جاذبة للمضاربين الساعيين لجنى مكاسب سريعة فقط، بل فتحت شهية المخالفين للقانون وشبكات تبيض الأموال وتمويل الإرهاب.
كذلك أجبرت البتكوين الكثير من الدول والشركات العالمية الكبرى على التفكير في اصدار عملات رقمية خاصة بها كما هو الحال مع شركة فيس بوك، وكما فعلت الصين التي أطلقت نسخة رقمية لعملتها.
وعلى الرغم من أنه لا يزال يتعين تعلم الكثير عن العملات المشفرة وارتباطها الوثيق بالتطور التكنولوجي، فإن النظرة المستقبلية لهذه العملات لا تزال محل شك كبير، إذ يرى المؤيدون أن العالم يتجه نحو نظام مالي جديد، تسود فيه العملات الرقمية المشفرة، يرى المعارضون ان المضاربين في هذه العملات مجرد مقامرين.
بالإضافة إلى ذلك اشتعلت حمي الشراء والسعي وراء المكاسب القياسية الأمر الذي سيقود حتما نحو انهيارات شبيهة بالفقاعات الشهيرة التي شهدها العالم أكثر من مرة وخلفت أزمات مالية حادة.
آراء الخبراء في البيتكوين
حُمى الشراء والركض خلف المكاسب السريعة وصفها “بيل غيتس” مؤسس شركة مايكروسوفت بالهوس، وذلك في تصريحات له حذر فيها من عواقب المضاربة في البيتكوين.
وقال بيل غيتس” انه يجب على أي مستثمر لا يمتلك أموالا بقدر التي يمتلكها ماسك (الملياردير الأمريكي الشهير)، تجنب الاستثمار في البيتكوين”، مضيفاً “تقلبات أسعار البتكوين لا تمثل مصدر قلق بالنسبة لأشخاص مثل ماسك، بينما ستكون المخاطر مقلقة بالنسبة للآخرين”.
بدورة قال الملياردير الأمريكي “وارن بافيت” “إن العملات المشفرة ليست لها قيمة ولا تنتج أي شيء”، بينما قالت وزيرة الخزانة الأمريكية “جانيت يلين” ” أنه لاتزال هناك أسئلة مهمة حول شرعية واستقرار البتكوين”، مضيفةً “البتكوين طريقة غير فعالة على الإطلاق لإجراء المعاملات، وأنها قلقة بشأن الخسائر المحتملة التي يمكن أن يتكبدها المستثمرون”.
أيضا من الخبراء الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد “جان تيرول”، الذي قال في تصريحات سابقة له ” عملة البتكوين فقاعة خالصة، وأصل ليس له قيمة جوهرية، وسينخفض سعرها الى الصفر إذا تلاشت الثقة”.
وأضاف، “لا أحد يستطيع ان يقول على وجه اليقين، ان البتكوين سينهار ويمكن ان يصبح الذهب الجديد، لكنني لن أراهن على مدخراتي ولا أريد أن تراهن البنوك على قيمته”.
ما سبب عودة البيتكوين وانتعاشها من جديد؟
تخطت البتكوين الاثني عشر سنة من عمرها، أي انها ليست وليدة اللحظة، وخلال عام 2021م، يمر المستثمرون بمرحلة سميت بجنون العملات الرقمية، إذ واكبت قفزات وصلت الى 70%، أي عند مستويات قياسية 60 ألف دولار؛ ثم تراجعت وتذبذبت عدة مرات، بفعل عدة عوامل ومحركات للسوق.
من هذه العوامل وعلى رأسها ما خلفه فيروس كورونا، والذي سبب على أثره ضعف فرص الاستثمار وتجميد النشاط الاقتصادي وحالة الركود والكساد التي تملكت تلك الفترة، الأمر الذي دفع كبار المستثمرين نحو إيجاد أداة للاستثمار سريعة العائد، وهو ما فشلت العملات الورقية على تحقيقه في تلك المرحلة.
يضاف إلى ذلك، ضخ الملياردير الأمريكي “ايلون ماسك” مالك أكبر شركة لإنتاج السيارات في العالم، نحو مليار ونصف المليار في العملات الرقمية.
وكذلك قيام عدد من شركات العالم الكبرى بالاستثمار بمليارات الدولارات في العملات المشفرة مثل تويتر وفيس بوك، واصدار الصين عملتها الرقمية.
تلك العوامل السابقة وغيرها أكسبت العملات الرقمية وتحديدا البتكوين زخماُ كبيراً، ناهيك عن غياب الرقابة المالية عند امتلاكها، الأمر الذي شجع عدد لا بأس به الى الميل للتعامل بها.
مستقبل البيتكوين
بحسب تقدير خبراء السوق، ينتظر البتكوين مستقبل رائع على المدى البعيد دون أدنى شك، بينما على المدى القريب قد لا ترتفع الى 200 ألف مثلاً، حيث تحمل السنوات القادمة انتعاش قوي للعملة الأقوى، خاصةً وأنها كونترول جيل الشباب الحالي؛ حسب ما أُطلق عليها.
في موضوع متصل، وبالرغم من ما سبق فالمطلوب الحذر أثناء الاستثمار في البتكوين ولا بد من التفريق بين المستثمرين والمضاربين، فالمضاربين هم بمثابة مقامرين للعملات الرقمية بهدف تحقيق أرباح سريعة ولكن قد يتكبدون خسائر في بعض الأحيان.
بينما المستثمرين ينظرون الى المدى البعيد ولديهم توقعاتهم الخاصة في زيادة قيمة العملة مستقبلاً، إذ نجد فارقاً كبيرا بين المضاربة والاستثمار، لكن لا يمكن التغافل عن قلة وعى المستثمرين في العالم جميعاً تجاه هذ العملات، وذلك لا يعنى أن يتم وصفها على انها محفوفة بالمخاطر.
وبالرغم من انه يتعين تعلم الكثير عن العملات المشفرة وارتباطها الوثيق بالتطور التكنلوجي، فإن النظرة المستقبلية لهذه العملات لا تزال محل شك كبير، فبين ما يرى المؤيدون أن العالم يتجه نحو نظام مالي جديد تسود فيه العملات الرقمية المشفرة.
بخلاف ذلك هناك يرون المعارضين عكس ذلك تماماً وأن المتاجرين هم مجرد مقامرين، وأن حمى الشراء والسعي وراء المكاسب القياسية ستقودهم حتما نحو انهيارات شبيهة بالفقاعات الشهيرة التي شهدها العالم أكثر من مرة وخلفت أزمات مالية حادة.
تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من MENA لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف