انتهت أزمة قناة السويس بتعويم السفينة العملاقة “EVER GREEN” التي أغلقت المجرى الملاحي لمدة ستة أيام من 23 الى 26 مارس 2021م، والتي سُجلت كأول أزمة تُعطل مسار الملاحة بعد عودتها للعمل مرة أخرى بعد انتهاء حرب أكتوبر عام 1973م والى الآن.
أزمة قناة السويس كشفت الطموحات القديمة
لم تنتهي طموحات دول متعددة في الترويج لبدائل عن قناة السويس، حيث إن محاولة البحث عن بدائل للقناة هي مسألة ليست وليدة اللحظة.
بل المنافسة منذ مراحل حفر القناة وبدأ حركة الملاحة فيها عام 1869م، والذى اعتبر مجرى في غاية الأهمية على مستوى العالم حتى اللحظة.
وفى الوقت الحالي خلال المحاولات الجادة والجهود المبذولة في خلق بدائل أخرى يتم التركيز بشكل مباشر وتحديداً على مضيق رأس الرجاء الصالح، وهو المسار التقليدي الذى يتم قطعه من قارة اسيا عبوراً بالمحيط الهندي للوصول الى البحر المتوسط عن طريق جبل طارق.
أو المضي نحو أمريكا من خلال المحيط الأطلنطي، حيث المرور من خلال رأس الرجاء الصالح يزيد من مدة الوصول بنحو 10 أيام مقارنة بطريق قناة السويس.
بدائل قناة السويس محدودة الأثر
من البدائل المتاحة وتطمح الدول التي تقف ورائها لدعمها حتى تصل لمرحلة تنافس بها قناة السويس هوالبديل الروسي.
ويقوم البديل الروسي على الربط بين قارتي اسيا وأوروبا بواسطة القطب الشمالي، وربط المحيط الهادي بالمحيط الاطلنطي.
وقد تتحقق هذه الجهود ويخلق أقصر طريق يربط به قارة آسيا بأوروبا بحوالي 30% من حيث المسافة مقارنة بمسار قناة السويس.
والرابط المشترك في هذا البديل هو بحر الشمال، وهى بمثابة السواحل الروسية الواقعة في المحيط القطبي.
وعرف هذا الطريق من القرن السادس عشر، وأول رحلة تمت من خلاله كانت قبل تسعون سنة ماضية عام 1930م.
عوامل جاذبية الطريق الروسي البديل:
أولا: التطور التكنولوجي، من حيث استخدام كاسحات الجليد المتطورة للتعامل مع كميات الثلج التي تعترضهم في هذا الطريق والمتراكمة فيه على مدار السنة.
بالإضافة إلى ذلك طموحات اثنتين من أقوى الدول الاقتصادية التي تدعم الطريق، روسيا والصين لدعم مشروعها العملاق.
ثانيا: عامل التغير المناخي الذى سبب ذوبان الجليد بشكل متزايد في هذه المنطقة، ما جعله متاحاً في فصل واحد فقط من السنة.
ويسمح له بنقل حوالى 40 مليون طن فقط سنوياً، على عكس قناة السويس التي يمر خلالها حوالى مليار ومئة مليون طن سنوياً.
فلا وجه للمقارنة، بالمقابل إن الطريق قادر على دخول مجال المنافسة على المدي البعيد وتحديداً في عام 2049م.
والأمر يعتمد على مسألة ذوبان الجليد، وبالتالي تصبح المياه صالحة للملاحة لفترات أطول في السنة ويصبح منافس قوى.
وحالياً الأمر قائم على طموحات الرئيس الروسي، وتم استغلال ازمة قناة السويس وقتها للترويج للطريق كبديل.
محور قناة السويس والبدائل الأخرى الجادة
هذا المشروع في حال تم العمل عليه بطريقة ذكية سوف يجعل من المستحيل على البدائل الأخرى منافسة لقناة السويس مستقبلاً.
حيث يمكن أن يقوم على تحويل المجرى المائي الي هبة اقتصادية وتجارية كبيرة ويجذب والشركات الملاحية.
ويعتبر الروس البديل الحالي والأقوى والأكثر استفادة من أزمة قناة السويس، والأعلى صوتاً في الترويج للبديل.
أما ايران تعتبر البديل الثاني، فالقصة قديمة قبل عشرين عاماً حينما رغبت ايران نقل تجارة من الهند مروراً بروسيا للوصول الى أوروبا.
وكانت الاقتراحات ان تتم من خلال ميناء “مومباي” في الهند مباشرة ثم مروراً بميناء “تشبهار” على المحيط الهندي في ايران.
ثم نقلها بالقطار لتتجه الى “بندر” على بحر قزوين، وبالقطار وصولأ الى الأراضي الروسية وصولاً الى أوروبا.
حيث إن هذا الطريق يستطيع أن يوفر حوالي 40% من المسافة و 30% من التكلفة مقارنة بقناة السويس.
لكن ميناء “تشبهار” في ايران وبالرغم من تطوير الموانئ الا انه لا يزال متأخر ويحتاج الى استثمارات ضخمة.
كالضغوط الواقعة على ايران وحصارها السياسي، لكن هذا المشروع اقتصادياً جيد وقد يكون واعد لكنه في مراحله البدائية .
والمشروع مرتبط بانتعاش مشروع بحر الشمال، وايران تروج للمشروع بدعم من الهند وروسيا، ليكون بديل آخر.
اما البديل الثالث والذى صنف بالأخطر ومتاح لكن لا يروج له علناً، هو البديل الإسرائيلي منذ بدأ محاولاتهم انشاء دولة لهم.
إذ يسعون الى حفر قناة بديلة وموازية لقناة السويس بدعم من واشنطن، تبدأ من خليج العقبة وصولاً للبحر المتوسط.
وهناك مساعي جادة نحو تحقيق هذه الفكرة حيث أظهرت وثيقة رسمية نشرها الأمريكان عام 1996م، انها بدأت في ستينيات القرن الماضي.
ووجدت الهيئات الداعمة على ان الحفر بالطرق التقليدية مكلف جدا، لذا تم التوصل الى الحفر بواسطة تفجير القنابل النووية.
وقدرت كمية القنابل اللازمة للحفر بنحو 520 قنبلة نووية، لكن المشروع لم يتم لاعتبارات التكلفة الاقتصادية والسياسية والبيئية.
الضغوطات الواقعة على قناة السويس
إن قناة السويس رغم كل الصعوبات وتحديات البدائل الأخرى وما خلفته حادثة “EVER GREEN”، الا انه يقع عليها ضغوطات.
خاصة أن شركات التأمين العالمية هي من تتولى أي تَعطل يحدث للقناة، حيث كانت تعتبرها آمنة 100%.
في عام 2011م، لم تحدث أي إشكاليات في القناة وانت تكلفة المرور منخفضة، لكن بعد هذه الحادثة انعكس الأمر عليها.
حيث تكبدت خسائر كبيرة لشركات التأمين بسبب تعطل الشاحنات، ما زاد من تكلفة العبور مرة أخرى نوعاً لتعويض الخسائر.
ختاماً
إن قناة السويس مازالت هذه اللحظة وبغض الطرف عن حقيقة البدائل الاقتصادية المنافسة إلا أنها تعتبر القناة الأرخص تكلفة والأًمن طريقاً والأفضل استخداماً.
ويمكن الرهان على ذلك من خلال تطوير مشروعها المعروف بمحور قناة السويس العملاق، ما يجعلها جذابة جداً.
تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من MENA لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف