الصين تتعهد بتعويض المتضررين من الرسوم الجمركية في خطوة تعكس قلقا متزايدا من تداعيات تلك الرسوم الأمريكية الجديدة حيث أعلن المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني خلال اجتماعه الأخير عن حزمة من الإجراءات الرامية إلى حماية الوظائف والشركات المتأثرة مؤكدا على أهمية الاستعداد الكامل لسيناريوهات اقتصادية أكثر حدة.

تعهدات دون إنفاق إضافي
رغم تصاعد المخاوف من تصعيد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لم تعلن بكين عن أي خطط لإنفاق عجز إضافي يتجاوز ما تم اعتماده في مارس الماضي ووفقا لمحللين فإن بكين تبدو غير مستعجلة في إطلاق حوافز ضخمة في هذه المرحلة إذ تسعى إلى تقييم حجم الصدمة التجارية وتوقيتها بدقة.
توسيع الدعم المالي والتأميني للشركات المتضررة
أفادت وكالة شينخوا الرسمية أن الصين تتعهد بتعويض المتضررين من الرسوم وأن الحكومة ستزيد من نسبة أموال التأمين ضد البطالة التي يمكن إعادتها للشركات الأكثر تضررا من الرسوم الجمركية في محاولة مباشرة للحفاظ على الوظائف وتقليل تسريح العمال كما ستسرع الحكومة من دعمها التمويلي لهذه المؤسسات وتعمل على دمج مبيعات السوق المحلي مع الصادرات بشكل أكثر سلاسة.
خفض أسعار الفائدة ومعدلات الاحتياطي
أكد البيان الصادر بعد الاجتماع أن الصين ستقوم بخفض أسعار الفائدة ونسب الاحتياطي الإلزامي للبنوك في الوقت المناسب كما أنها ستولي اهتماما خاصا بتعزيز الاستهلاك في قطاع الخدمات وهو أحد أكثر القطاعات تأثرا بتباطؤ الدخل وانخفاض ثقة المستهلكين.
اقرأ المزيد: أسماء رؤساء البنوك حول العالم في الاسواق المالية
استراتيجية “التفكير في الخط الأحمر”
شدد المكتب السياسي على أهمية التفكير في أسوأ السيناريوهات داعيا إلى وضع خطط سياسية مرنة ومبنية على أسس التحوط الاستراتيجي واعتبر المحللون أن هذه اللغة توحي بأن الحكومة قد تلجأ إلى جولة تحفيزية جديدة لكنها ستكون أقل حجما مما كان متوقعا سابقا إذ تم إعطاء أولوية أكبر لاستقرار التوظيف مقارنة بـ استقرار النمو الاقتصادي ككل.
آفاق النمو تحت التهديد رغم بداية قوية
نمت الاقتصاد الصيني بنسبة 5.4% خلال الربع الأول من 2025 متجاوزا التوقعات إلا أن الأسواق لا تزال تتوجس من احتمال حدوث تباطؤ حاد لاحقا خصوصا مع تصاعد أثر الرسوم الجمركية التي تعد الأكبر منذ عقود وكان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني إلى 4% لعام 2025 و2026 بانخفاض 0.6 و0.5 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في يناير.
واشنطن تميل إلى التهدئة ولكن بشروط
في تطور لافت تبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخزانة سكوت بيسنت لهجة أكثر تصالحا هذا الأسبوع مؤكدين أن الرسوم الحالية غير قابلة للاستمرار مشيرين إلى استعدادهم لفتح باب النقاش مجددا مع بكين وقد دعت الصين الولايات المتحدة إلى إزالة الرسوم بالكامل في مقابل تقديم بعض الاستثناءات على وارداتها من واشنطن.
الاقتصاد في خدمة الدبلوماسية
فيما تقوم بكين بجولات دبلوماسية مكثفة شملت جنوب شرق آسيا وعددا من العواصم العالمية فإنها في الوقت ذاته تسعى لتوجيه رسائل داخلية تطمينية عبر دعم المصدرين في تحويل مبيعاتهم للسوق المحلي وهي خطوة اعتبرها محللون رمزية أكثر من كونها سياسية اقتصادية فعلية لكنها تعزز روح التحدي الوطني وتظهر صلابة الموقف أمام واشنطن.
اقرأ أيضا: ضبابية التجارة العالمية تربك بنك كندا: الفائدة ثابتة والتحذيرات تتصاعد
اقتصاد أكثر عرضة للصدمة وسط خطر الركود التضخمي
ورغم هذه الاستعدادات فإن الاقتصاد الصيني يواجه وضعا أكثر هشاشة مما كان عليه خلال جولات التصعيد السابقة إذ بات أكثر عرضة للصدمات الخارجية في ظل أزمة عقارات ممتدة وتباطؤ نمو الدخل وتراجع معنويات الاستهلاك وهذه العوامل تثير مخاوف من الدخول في حالة ركود تضخمي وهو ما تحاول الحكومة تجنبه بكل السبل.
تمتع بتجربة تعلمية مميزة من خلال الأكاديمية الأقوى للفوركس و الأسواق العالمية MENA