شهدت الأسواق حالة من التفاؤل بين المستثمرين الذين توقعوا أن يتدخل الاحتياطي الفيدرالي لإيجاد حلول للأسواق المتضررة من الرسوم الجمركية. ومع ذلك، جاء خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء ليضع حدًا لتلك التوقعات، حيث تصريحات باول لم تُنصف الأسهم المتضررة من الرسوم الجمركية ، مما أثار مزيدًا من القلق حول مستقبل السوق.
صرّح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن البنك المركزي سيترقّب صدور بيانات إضافية حول اتجاه الاقتصاد قبل اتخاذ القرار بشأن تغيير أسعار الفائدة. وقد أوضح خلال حديثه في النادي الاقتصادي في شيكاغو، أن هناك احتمالات لحدوث تطورات صعبة أمام الفيدرالي، وقد تتسبب الرسوم الجمركية في زيادة معدلات التضخم، في نفس الوقت الذي تتراجع فيه وتيرة النمو وقد يتأثر التوظيف أيضًا.
تعرف على: الصين وأوروبا تتحدان ضد السياسات التجارية الأمريكية: تحليل متعمق للأزمة وتداعياتها
هناك حالة من القلق بين المستثمرين من أن استمرار ارتفاع التضخم سيتسبب في تقليص قدرة الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ قرارات مناسبة؛ ففي العادة يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد الضعيف، لكنه سيكون مترددًا في الوقت الحالي بسبب القلق من أن يؤدي ذلك إلى زيادة حدة التضخم.
وقال المستثمرون إن تصريحات باول كانت متشددة أكثر من التوقعات، في الوقت الذي تعاني فيه الأسواق من تقلبات شديدة خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، والتي أثارت مخاوف من اقتراب حدوث ركود اقتصادي.
وقال مايكل أرون، كبير استراتيجيي الاستثمار في “State Street Global Advisors”:
“أعتقد أن السوق كان يأمل في إشارة أكثر ميلاً إلى التيسير من الاحتياطي الفيدرالي، تفيد بأنهم يقتربون من خفض أسعار الفائدة، لكنه لم يقدم ذلك”.
شاهد: ضبابية التجارة العالمية تربك بنك كندا: الفائدة ثابتة والتحذيرات تتصاعد
تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق
شهدت الأسواق المالية حالة من التقلب الشديد منذ إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل، حيث تتشابه تلك التقلبات مع ما حدث منذ بداية جائحة كوفيد-19 قبل خمس سنوات.
ويحاول المستثمرون والشركات بشدة فهم التداعيات المحتملة للرسوم الجمركية على الاقتصاد، وفي الوقت نفسه لا يزال هناك قدر كبير من عدم الاستقرار في الأسواق، حيث قرر ترامب تعليق فرض رسوم كبيرة على مجموعة من الدول، في الوقت الذي تتصاعد فيه الحرب التجارية مع الصين.
مؤشرات الأسهم
أغلق مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” (.SPX) القياسي منخفضًا بنسبة 2.2% يوم الأربعاء، وبذلك يصل إجمالي التراجع منذ أعلى مستوى سجله في فبراير إلى 14%، بينما انخفض مؤشر “ناسداك المركب” (.IXIC) الثقيل بأسهم التكنولوجيا بنسبة 3.1% في نفس اليوم.
قال مارك مالك، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة “سيبيرت فاينانشال”، إن الاحتياطي الفيدرالي في “وضع بالغ التعقيد” بسبب أهدافه المزدوجة المتمثلة في السعي لتحقيق أقصى قدر من التوظيف واستقرار الأسعار.
وأضاف مالك: “باول اعترف أخيرًا بأن الرسوم الجمركية ستتسبب في نوع من التضخم هذا العام، وأنها بالتأكيد قد تؤدي إلى تراجع في الإنفاق الرأسمالي وزيادة في البطالة”.
وتابع: “عليهم الحفاظ على انخفاض البطالة واستقرار الأسعار، والآن كلا الجانبين يسيران في الاتجاه الخاطئ بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي”.
شاهد: دور الذهب في الأزمات المالية العالمية: دراسة حالة 2025
وما زال المستثمرون يعتقدون أن البنك المركزي الفيدرالي سوف يقرر تخفيض أسعار الفائدة، وهناك رهانات كبيرة على أن يحدث التخفيض خلال شهر يونيو المقبل، وأن معدل الفائدة بحلول نهاية العام، والذي يتراوح حاليًا بين 4.25% و4.50%، سيكون أقل بنحو نقطة مئوية كاملة.
كما أدلى باول بتصريحات حول ما يُعرف بـ “الضمان الفيدرالي” (Fed put)، والمقصود به تدخل البنك المركزي لدعم الأسواق في حال انهيارها، وهو ما أدى إلى إثارة القلق حسب رأي المستثمرين.
وعند سؤال باول عمّا إذا كان هناك “ضمان فيدرالي”، أجاب نافياً ذلك، كما أوضح أن الأسواق تواجه حالة من عدم اليقين والتقلب، لكنها ما تزال تعمل بشكل منظم.
يمكن تفسير تعليقات باول على أنها “لا تعتمدوا بالضرورة على ما يُعرف بـ ‘الضمان الفيدرالي’، أي لا تعتمدوا على أن الاحتياطي الفيدرالي سيتدخل لإنقاذنا من هذا الوضع”، بحسب ما قاله سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة CFRA للأبحاث. وأضاف: “ربما كان ذلك إشارة إلى أننا، في الواقع… لا نملك شبكة أمان حقيقية”.
وكانت الأسهم تعاني بالفعل من الضعف قبل تصريحات باول بعد ظهر الأربعاء، ولكن بعد هذا الحديث تسارعت وتيرة الهبوط، وشهدت المؤشرات الرئيسية حالة من الضغط الشديد بسبب هبوط أسهم التكنولوجيا، خاصة بعد تحذير شركة نيفيديا (Nvidia) من ارتفاع التكاليف بسبب القيود الأميركية الجديدة على صادرات رقائقها إلى الصين.
يعتقد بعض المستثمرين أن باول ربما كان يؤكد فقط ما كانت الأسواق قلقة منه مسبقًا — أي تباطؤ اقتصادي مصحوب بضغوط تضخمية.
وقال ريك ميكلر، شريك في شركة Cherry Lane للاستثمار:
“إنه يشير إلى أن الأوقات الاقتصادية القادمة قد تكون صعبة إذا استمرت الرسوم الجمركية على هذا النحو”، وأضاف: “أعتقد أن هذا أمر يعلمه المستثمرون، لكنه يسلّط الضوء عليه الآن”.
تمتع بتجربة تعلمية مميزة من خلال الأكاديمية الأقوى للفوركس و الأسواق العالمية MENA
