استقرار الذهب بعد معدلات قياسية استقرارًا نسبيًا خلال تعاملات يوم الخميس،، وسط مخاوف من السياسة التجارية الأمريكية. ويُعزى هذا الاستقرار إلى مؤشرات مبكرة على حدوث تماسك في السوق، والتوصل إلى اتفاقات حول الرسوم الجمركية.
تعرف على: استراتيجية تداول التذبذب Oscillator trading strategy
أسعار الذهب تتراجع من الذروة لكنها لا تزال قوية
تراجعت أسعار المعدن الثمين ليغلق عند 3,287.72 دولارًا للأوقية يوم الأربعاء، منخفضًا بنسبة 6.1% عن أعلى مستوى له على الإطلاق البالغ 3,500.05 دولار، والذي تم تسجيله في 22 أبريل.
ومع ذلك، لا تزال أسعار الذهب الفورية مرتفعة بنسبة 30% مقارنةً بالمستوى المتدني البالغ 2,536.71 دولارًا للأوقية الذي تم تسجيله في 14 نوفمبر، وذلك في الأيام التي أعقبت فوز ترامب في الانتخابات على نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس.
الاستثمار يقود موجة صعود الذهب
أشارت بيانات مجلس الذهب العالمي (WGC) إلى أن السبب الكامل لموجة ارتفاع أسعار الذهب تقريبًا هو تدفقات الاستثمار، المدفوعة بشكل كبير بالمخاوف من تعرض الاقتصاد العالمي لضربة قوية بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وهناك توقعات بأن يحدث تباطؤ في النمو، لكنها تدعم التضخم في الولايات المتحدة.
وقد أصدر المجلس تقريرًا يوم الأربعاء يشير إلى أن تدفقات الاستثمار في الذهب قد ارتفعت بنسبة 170% في الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 552 طنًا متريًا، وهو أعلى مستوى منذ الربع الأول من عام 2022.
ارتفاع تدفقات الصناديق المتداولة ومشتريات السبائك
تم تسجيل ارتفاع قوي في تدفقات الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)، حيث بلغ الطلب 226.5 طنًا في الربع الأول، مقارنةً بـ 18.7 طنًا فقط في الربع الأخير من عام 2024، وقفزة كبيرة مقارنةً ببيع 113 طنًا في الربع الأول من العام الماضي.
وإلى جانب الاستثمار في الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)، فقد حدث أيضًا ارتفاع كبير في مشتريات السبائك والعملات الذهبية المادية بنسبة 3% لتصل إلى 325.4 طن في الربع الأول مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتُعد تلك الزيادة في تدفقات الاستثمار سببًا كافيًا لتعويض ضعف المحركات الرئيسية الأخرى للذهب، حيث انخفضت مشتريات البنوك المركزية بنسبة 21% في الربع الأول لتصل إلى 243.7 طن، وفي نفس الوقت انخفضت صناعة المجوهرات بنسبة 19% إلى 434 طن.
شاهد: هبوط العقود الآجلة للأسهم الأمريكية مع الإعلان البيانات الاقتصادية ونتائج أرباح الشركات الكبرى
تراجع الطلب على المجوهرات في الصين والهند
وهناك احتمالات كبيرة أن يكون السبب في تراجع الطلب على المجوهرات هو ارتفاع الأسعار، وبشكل خاص في أكبر سوقين للذهب في العالم: الصين والهند.
ويشير تقرير مجلس الذهب العالمي إلى تراجع الطلب على المجوهرات في الصين بنسبة 32% خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، ليصل إلى 125.3 طن، كما تراجع الطلب في الهند بنسبة 25% إلى 71.4 طن، وهو أضعف مستوى منذ الربع الثالث من عام 2020.
وتتساءل الأسواق حاليًا إذا ما كانت حالة الزخم لاستمرار موجة ارتفاع أسعار الذهب المدفوعة بالاستثمار ما زالت قائمة، أم أن حالة “اللجوء إلى الأمان” التي تتسبب بها سياسات ترامب قد بلغت ذروتها بالفعل.
تباطؤ التدفقات
هناك بعض الإشارات الأولية التي ظهرت فيما يتعلق باستقرار الطلب على الذهب بالفعل، حيث تراجعت حيازة أكبر صندوق مؤشرات ذهب، وهو صندوق SPDR، بشكل طفيف منذ بلوغه أعلى مستوى له في 31 شهرًا خلال شهر أبريل.
وقد أعلن صندوق SPDR عن تراجع حيازاته من الذهب إلى 30.36 مليون أونصة يوم الأربعاء، منخفضة عن الذروة التي تم تسجيلها خلال العام الحالي عند 30.84 مليون أونصة في 17 أبريل.
وهناك احتمالات أن يكون السبب في هذا التراجع هو بعض الإشارات التي توضح أن إدارة ترامب قد بدأت في التراجع عن حربها الجمركية الشاملة ضد باقي دول العالم، فيما عدا الصين، التي تُعد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
قد يهمك: التحليل الفني للذهب مقابل الدولار الأمريكي 01 مايو 2025
إشارات على تراجع حدة التصعيد التجاري
وكان بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية قد أعلنوا عن وجود احتمالات لإجراء اتفاقيات تجارية مع بعض الشركاء في الفترة القريبة القادمة، كما أعلن ترامب عن توقعه بحدوث تهدئة مع الصين في وقت ما، وبالرغم من ذلك لا يوجد حتى الآن أي أدلة ملموسة على حدوث ذلك، مع استمرار فرض تعرفة جمركية بنسبة 145% على الواردات من الصين.
ولكن الاعتقاد السائد حاليًا، هو أن جميع المستثمرين الذين سعوا لزيادة حيازاتهم من الذهب قد نفذوا ذلك بالفعل، وسوف يتطلب شراء كميات إضافية من الذهب الإعلان عن أخبار مقلقة إضافية.
السياسات المالية الأميركية تزيد من ضبابية المشهد
وقد تكون هذه الأخبار بأشكال مختلفة، مثل وجود دلائل على عدم فاعلية المحادثات التجارية، أو استمرار تطبيق الرسوم الجمركية، وهذا الاحتمال ما زال قائمًا، حيث أن التعريفات الجمركية المتبادلة التي أعلنها ترامب في 2 أبريل لا تزال معلقة لمدة 90 يومًا فقط.
وفي حالة إقرار الكونغرس الأميركي تخفيضات ضريبية كبيرة على الدخل، وكانت موجهة بشكل خاص إلى الأثرياء، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى إعادة تقييم المستثمرين للأصول الأميركية وسط مخاوف من تفاقم العجز المالي.
ورغم تراجع ترامب عن تهديداته بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، فإن ما زال هناك خطر بقيام ترامب بتعيين شخصية موالية له عندما تنتهي ولاية باول العام المقبل، ما يدعم جاذبية الذهب كبديل استثماري.
ومن المعتاد في تداولات الذهب خلال العقدين الماضيين هو حدوث موجات صعود تتبعها فترات طويلة من التماسك السعري، لكن الارتفاع الذي حدث مؤخرًا كان سريعًا وقويًا على نحو غير معتاد، ما أدى إلى زيادة احتمالات حدوث تراجع قبل الدخول في مرحلة التماسك.
ولكن الاقتصاد العالمي في الفترة الحالية يشهد مرحلة غير مسبوقة، حيث يعمل ترامب على تفجير النظام التجاري العالمي، وقد تكون نتائج ذلك على الاقتصاد الأمريكي باهظة، وأيضًا على اقتصادات الدول الأخرى.
ويتطلب استمرار صعود أسعار الذهب استمرار ظهور الأخبار السلبية، لكن في نفس الوقت، ما زال الذهب معرضًا لأي تحول في السياسة الأميركية نحو قدر من “العودة إلى الطبيعي”.
تمتع بتجربة تعلمية مميزة من خلال الأكاديمية الأقوى للفوركس و الأسواق العالمية MENA
